- Sun, 22-Dec-2024
بقلم : د. محمد عثمان عبد الرحمن، خبير واستشاري تأمين .
المقدمة:
خلفية تأريخية عن التأمين التبادلي (التعاوني):
بدأت فكرة التأمين التبادلي Mutual Insurance في أواخر القرن السابع عشر (العام 1688م)، منطلقة من مقهى صغيرعلى نهر التايمز في لندن، يمتلكه شخص بريطاتي يدعى إدوارد لويدز، حيث كان أصحاب السفن يجتمعون و يحلسون هناك لمتابعة أخبار سفنهم التي تجوب أعالي البحارOverseas ، في وقت عز فيه أو انعدمت فيه وسائل الأتصالات اللاسلكية الحديثة ، و تنقطع فيه أخبار السفن ، إلا النذر اليسير، مما دفع إدوارد لويدز ، بالتفكير بإصدار نشرة دورية في المقهى أسماها "قائمة لويدز" Lloyds List يبث فيها أخبار السفن لأصحابها، إن تيسر له ذلك ، وقد تحولت تلك القائمة لاحقاً، بعد إنشاء و تطور هيئة اللويدز إلى سجل لويدز السفن Lloyd’s shipping register يحوي بيانات و معلومات عن السفن حول العالم
بعد ذلك بدأ السيد/ لويدز في جمع مساهمات من أصحاب السفن كصندوق تعاوني تحت إدارته للدفع منه لأصحاب السفن الغارقة في أعالي البحار أو التي تختفي أو تنقطع أخبارها نهائياً. و سمي ذلك الصندوق جمعية و أندية الحماية و التعويض، Protection & Indemnity (P & I) Clubs والتي ما تزال موجودة إلى يومنا هذا ، وبعد أن تحول ذلك المقهى الصغير ، إلى أكير مجمع للتأمين في العالم تحت مسمى هيئة اللويدز Lloyds Corporation ، بفضل عبقرية و تفكير ذلك الرجل ، وإبتداره ،من تلك تلك البديات المتواضعة ، لأنشاء أكبر هيئة للتأمين في العالم إلى يومنا هذا. و كان القانون المنظم لهيئة اللويدز صدر في عام 1871م، حينها كانت تقتصر العضوية على البريطانيين، و في العام 1968م ، سُمح بتوسيع العضوية لتشمل غير البريطانيين.
و حالياً، في التامين البحري (أجسام السفن و ماكيناتها (Marine Hull تتحمل أندية الحماية و التعويض، Protection & Indemnity (P & I) Clubs نسبة 75% من المسئولية القانونية الناجمة بسبب تضرر ممتلكات الغير أو الأذى الجسماني الذي يصيب الغير (الطرف الثالث).، والتي يتعرض لها أصحاب السفن، أو الشاحن ، في حالة تصادمها أو إرتطامها Collision مع سفينة أخرى أو جنوحها Grounding or Stranding في داخل مياه البحر، إذا كان ذلك بسبب إهمال الملاحين. و تتحمل شركة التأمين نسبة 25% لتغطية تلك المسئولية القانونية المذكورة.
من هناك نشأت فكرة التأمين التبادلي و التعاوني، بل إنطلاقة التأمين البحري، كتراث و كأول نوع من أنواع التأمين الحديث . حيث صدرت أول وثيقة تأمين بحري في العام 1660م بلندن
وظهرت كذلك في مدينة لندن ، عقب حدوث حريق لندن الشهير في العام 1666م، جمعيات الحريق Fire Societies والتي كانت تضع رمز أو علامة كفي اليدين المتماسكتين Hand -in-Hand أمام واجهات منازل مشتركيها بحيث يسهل الوصول بسرعة الىها، في حالة نشوب حريق لإخماده. كما نجد أن التجار القدامي أو الأوائل وضعوا قواعد مفصلة للأخطار ، وتوزيع الربح المتوقع بين مالكي السفن وأصحاب السفن (قوانين حمورابي) و مارسوا فكرة التأمين التعاوني. كما نجد أيضاً ، في المجتمعات الصغيرة ، أن الجيران يمكن أن يعملوا معاً لإعادة بناء منزل دُمر بواسطة الحريق أو الصواعق أو أي خطر آخر.
التأمين التجاري و نشأته:
بدأت فكرة التأمين الحديث ، أو التأمين التجاري، كوسيلة من وسائل نقل المخاطر، كي تتحملها شركات التأمين، بعد أن تطورت فكرة التأمين التبادلي (التعاوني) كما ذكرنا في مقال سابق حيث صدرت أول وثيقة تأمين بحري في العام 1660م بلندن، وبدأت أنواع التأمين الأخرى في الظهور عند قيام الثورة الصناعية في خلال القرن 18 (الثامن عشر) الميلادي في أوربا ، زبخاصة في بريطانيا، و ظهور أصحاب الحرف وتكوين جمعيات خاصة بهم ، و إستخدام الماكينات واالآليات، برز تأمين الحريق الى الوجود كنوع ثاني تأريخياً بعد التأمين البحري ، الذي كان الأول في الظهور في تأريخ التأمين الحديث كله. وبعد ذلك ، و كنتيجة لتعرض العمال للحوادث جراء إستخدام الآليات و الماكينات ، فظهرت تباعاً تأمينات إصابات العمل و مسئولية صاحب العمل و الأنواع الأخرى من التأمين السائدة اليوم.، وإلى قيام وإنشاء هيئة اللويدزLloyd’s Corporation في لندن، وبالتالي بدأ إنتشار التأمين وإعادة التأمين إلى العالم، على الأساس التجاري المعروف حالياً.
التأمين التبادلي (التعاوني):
لدرء المخاطر ، كان التعاون ولا يزال هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع الأخطار الكبيرة على سبيل المثال: فإن هيئات التأمين البحري للحماية و التعويض Protection & Indemnity (P & I) Clubs؛ موجودة في بريطانيا منذ أكثر من 200 عام لحماية أعضائها من أصحاب و ملاك السفن من الضرر المادي لسفنهم ، و وتحمل المسئولية القانونية للتعويض تجاه الغير أو الطرف الثالث.
كما أن التجار القدامي أو الأوائل وضعوا قواعد مفصلة للأخطار ، وتوزيع الربح المتوقع بين مالكي السفن وأصحاب السفن (قوانين حمورابي). و في المجتمعات الصغيرة ، نجد أيضاً أن الجيران يمكن أن يعملوا معاً لإعادة بناء منزل دُمر بواسطة الحريق أو الصواعق أو أي خطر آخر.
تعريف التأمين التعاوني :
هو صندوق للتأمين التبادلي، أو وسيلة من وسائل نقل الأخطار و تحملها، الذي يقوم بتغطية حملة الوثائق المشاركين في الصندوق أنفسهم ويكونون مسؤولين جماعياً عن دفع التعويضات من ذلك الصندوق، بدفع إشتراكات أو أقساط متساوية للمساهمة في لك الصندوق. ونظرياً يكونون مسئوليين في حالة تحقق الفائض أو العجز (الخسارة).
و ينشأ لذلك الغرض حسابات منفصلة لعمليات التأمين (حساب حملة وثائق التأمين) و حساب أصحاب المصلحة (حساب المساهمين أو مستثمري رأس المال أو مديري الصندوق)
الفرق بين التأمين التعاوني و التأمين التجاري من حيث التطبيق:
في اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻟﺗﻌﺎوﻧﻲ، تقوم شركة التأمين ﺑفتح ﺣﺳﺎﺑﺎت ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻟﺣﻣﻠﺔ اﻟوﺛﺎﺋﻖ Policyholders’ Accounts و حسابات أﺧرى للمؤسسين / اﻠﻣﺳﺎھﻣﯾن/ أصحاب رأس المال/ المستثمرين Shareholders Accounts Equity or ، و توزع ﻓﺎﺋض ربح عمليات التأمين Insurance Surplus ﻋﻠﻰ ﺣﻣﻠﺔ اﻟوﺛﺎﺋﻖ.
ﺑﻌﻛس ذلك في اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻟﺗﺟﺎري،فإن شركة التأمين تحتفظ ﺑﻔﺎﺋض اﻟرﺑﺢ من عمليات التأمين بالكامل، إن ﺗﺣﻘﻖ، و ﻻ تعيد توزيعه إلى ﺣﻣﻠﺔ اﻟوﺛﺎﺋﻖ، بل توزعه إلى المؤسسين و اﻠﻣﺳﺎھﻣﯾن وأصحاب المصلحة Stakeholders
طريقة توزيع فائض الربح في التأمين التعاوني:
توجد طريقة لتوزيع فائض عمليات التأمين وإعادة التأمين (حد الإحتفاظ و ما زاد من حد الخسارة) بين المساهمين والمؤمن لهم/ حملة الوثائق. وشركات التأمين، و بحيث تكون نسبة حملة الوثائق من توزيع الفائض الصافي من 85% -90% ، بينما شركة التأمين من 15% - 20% نظير إدارتها للصندوق و إستثمار رأس مالها في الشركة.
ويحدد المشرع طريقة الدفع للمؤمن لهم إما بدفع نسبة الفائض المستحقة لهم مباشرة، أو بتخفيض أقساطهم للسنة التالية، وترحيل نسبة مديري الصندوق أو أصحاب رأس المال أو المستثمرين في الشركة إلى قوائم المالية لدخل المساهمين .
عند إعداد القوائم المالية لعمليات التأمين، تقوم الشركة التأمين بما يلي:
1. تحديد الأقساط المكتسبة Net earned Premium (NPI) وعمولات إعادة التأمين والعمولات الأخرى.
2. تحديد صافي التعويضات المتكبدة Net Claims Incurred(NCI)
3. في نهاية العام المالي ، يتم تحديد الفائض الإجمالي، و الذي يمثل الفرق بين الأقساط والتعويضات، مخصوماً منه المصاريف التسويقية والإدارية والتشغيلية، والمخصصات الفنية اللازمة.
4. تحديد صافي الفائض، بأن يضاف إلى/ يخـصم من الفائض الإجمالي ما يعود للمؤمن لهم من عائد الاستثمار بعد احتساب ما لهم من عوائد وخـصم مـا عليهم من مصاريف محققة.
5. . توزيع الفائض الصافي، بحيث تكون نسبة حملة الوثائق من توزيع الفائض الصافي من 85% -90% ، بينما شركة التأمين من 15% - 20% نظير إدارتها للصندوق و إستثمار رأس مالها في الشركة.
6. يتم الدفع للمؤمن لهم إما بدفع نسبة الفائض المستحقة إلى حساباتهم البنكية مباشرة، أو بتخفيض أقساطهم للسنة التالية، وترحيل نسبة مديري الصندوق أو أصحاب رأس المال أو المستثمرين في الشركة، إلى قوائم الدخل للمساهمين.
د. محمد عثمان عبد الرحمن
Powered by Froala Editor