د. محمد عثمان عبد الرحمن، خبير و إستشاري تأمين يكتب كيفية ادارة المخاطر سلسلة الثقافة التأمينية

12/05/2024
مدير النظام

ثقافة و توعية تأمينية

كيفية إدارة المخاطر (2 من 7)


بقلم : د. محمد عثمان عبد الرحمن، خبير و إستشاري تأمين .

في المقال السابق ، كنا قد تناولنا من الناحية النظرية على: تعريف مفهوم الخطر، و تصنيف المخاطر إلى أخطار بحتة و أخطار مضاربة، أو إلى أخطار عامة أصلية و أخطار خاصة مستقلة ،  و تقسيم المخاطر إلى أخطار مادية و أخطار معنوية، و أخيراً تقسيم الأخطار حسب قابليتها للتأمين و حسب نتائجها وعدد الأشخاص المتضررين

و سنركز في هذا المقال الثاني من سلسلة مقالات "ثقافة و توعية تأمينية" على كيفية إداراة المخاطر و وسائل إدارتها و مراقبتها، والعلاقة بين الخطر والتأمين، و منهج أو طريقة عمل التأمين.

التأمين وإدارة الأخطار: 

منذ بدء التاريخ ، فإن الإنسانية قد واجهتها الكثير من المخاطر . وهذا يعني أن الخطر موجود ، ولابد لنا من إدراكه، وإدارته بإستخدام وسائل إدارة المخاطر، وبإختصار شديد تعني تلك الوسائل ما يلي:

1.     وجود الخطر : ويعني ذلك أن الخطر موجود و يمكن إدراكه و تحديده و معرفته، وتحليل و إحتساب كلفته بإستخدام علم الرياضيات و الأساليب الإحصائية (نظرية الإحتمالات )، و مراقبته مالياً، ونقل الخطر إلى جهات أخرى، إذا كان من غير الممكن تحمل عبء ذلك الخطر.

2.      تحليل الخطر: وهي مرحلة جمع المعلومات ، بعد تحديد و معرفة الخطر، وتحليلها و إحتساب تكلفة الخطر  بإستخدام علم الرياضيات و الأساليب الإحصائية (نظرية الإحتمالات )، ثم المراقبة المالية للمخاطر، وإتخاذ قرار إما تحمل عبء تلك المخاطر، أو نقلها إلى جهات أخرى تقوم بتحملها.

3.     تقليل درجة الخطرReduction or Mitigation of Risk  ، على سبيل المثال إذا قطع أحدنا أحد طرق السريعة للسيارات  جريا فقد يعرض نفسه لخطر الإصابة بحوادث السيارات، كما أن إستخدام جسر المشاة في نفس الطريق ، يقلل من درجة الإصابة بحوادث السيارات إلى حد كبير، فالخطر موجود ، ورغم ذلك يمكننا التقليل من درجته ، أو

4.    تجنب الخطر Avoidance  of Risk ، ولكن قد تواجه بخطر آخر . مثلاً الإمتناع عن الذهاب إلى العمل، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى فقدان وظيفتك.

5.    المراقبة المالية للمخاطر: كما ذكرنا أعلاه، في فقرة تحليل الخطر، فإنه يجب تحليل و إحتساب كلفة الخطر، بإستخدام علم الرياضيات و الأساليب الإحصائية (نظرية الإحتمالات)، و مراقبة الخطر مالياً، ومن ثم إتخاذ  قرار عما إذا كان ممكناً تحمل عبء ذلك الخطر. أو نقل الخطر إلى جهات أخرى معنية بتحمل المخاطر.

6.    نقل الخطر Transfer of Risk ، وهنالك وسائل عدة لذلك ، منها على سبيل المثال: 

التأمين التبادلي (التعاوني)، والتأمين الذاتي، والتأمين الحديث (نقل الخطر إلى جهات أخرى - شركات التأمين).

و يوضح الشكل التالي أدناه ، كيفية إدارة المخاطر و المراقبة المالية للمخاطر و عملية نقلها أو تحمل عبئها أو جز من ذلك العبء.


رسم بياني : كيفية إدارة المخاطر

 


كيفية نقل الأخطار: 

يتم نقل الاخطار باحد الوسائل التالية:

1.    التأمين التبادلي (التعاوني) Mutual Insurance :

لدرء المخاطر ، كان التعاون ولا يزال هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع الأخطار الكبيرة على سبيل المثال: فإن هيئات التأمين البحري للحماية و التعويض Protection & Indemnity (P & I) Clubs؛ موجودة في بريطانيا منذ أكثر من 200 عام لحماية أعضائها من أصحاب و ملاك السفن من الضرر المادي لسفنهم ، و وتحمل المسئولية القانونية للتعويض تجاه الغير أو الطرف الثالث.  كما أن التجار القدامي أو الأوائل وضعوا قواعد مفصلة للأخطار ، وتوزيع الربح المتوقع بين مالكي السفن وأصحاب السفن (قوانين حورابي). 

كما نجد أيضاً ، في المجتمعات الصغيرة ، أن الجيران يمكن أن يعملوا معاً لإعادة بناء منزل دُمر بواسطة الحريق أو الصواعق أو أي خطر آخر .

2.    التأمين الذاتي : Self-Insurance

وهو إنشاء صندوق خاص Fund لدرء المخاطر عند حدوثها ، ولكن عيب هذا النوع من التأمين ، أنه في حالة حدوث الخطر قد تكون المبالغ الموجودة في الصندوق غير كافية ، أو أن الخطر قد لا ينتظر مدة طويلة حتى يمكن أن يكون ما بالصندوق كافياً لمقابلة الأخطار الكبيرة .


3.    التأمين الحديث Modern Insurance

إستمر التأمين الحديث في نفس نهج أو عرف الحماية التبادلية أو التعاونية ونقل عبء تحمل الأخطار إلى شركات التأمين وإدارتها، و ذلك بإستخدام الأساليب العلمية والإحصائية و الفنية لإدارة الأخطار وتقييمها وإدارتها على أسس فنية وفقاً لنظرية الإحتمالات (التسعير ، تكرار الحوادث ، مدى قسوتها ، تفتيت المخاطر بالمشاركة في التأمين وإعادة التأمين) .

ويعتبر التأمين طريقة تقليدية لمساعدة المجتمع ، وقد تم تطويره عبر الأزمنة لمواجهة البيئة المتغيرة ولكن ، إن معظم الأخطار التي يصادفها المجتمع يكون من المستبعد جداً تناولها على أساس إجتماعي ، فعلى سبيل المثال  : أن صناعة السيارات تتعامل مع كميات هائلة من المواد البترولية الشديدة الإشتعال : طلاء (النيتروسليولوز) يستخدم لطلاء السيارات في الورش، وأن إستخدام مشعل اللحام الكهربائي، قد أدى إلى حرق مدينة صناعية كاملة في نيجيريا في  السبعينات من القرن الماضي .

العلاقة بين الخطر والتأمين:

الخطر هو الأعم و الأشمل و هو سبب وجود التأمين ، ففي عدم وجود الخطر لا تكون هنالك حاجة للتأمين. وحيث أن التأمين هو عقد إحتمالي ، وله علاقة بحالة عدم التأكد Uncertainty  والتي هي خارج إرادة الإنسان ، فان حالة عدم التأكد هي القابلة للتأمين عليها وبالرغم من صعوبة قياس قابلية الأخطار للتأمين Insurability  وتحويلها إلى قيمة نقدية ، فإن هنالك إمكانية إيجاد نظام أو منهج أو طريقة لتحقيق ذلك .

منهج أو طريقة عمل التأمين Insurance Method:

فالتأمين يتعامل مع ويدير :

(1)    الأخطار المؤمن ضدها ، عن طريق،

(2)     المساهمات و الإشتراكات الصغيرة أو أقساط تأمين التي يتم جمعها من جمهور المستأمنين، 

(3)     الأموال المجمعة (المساهمات و الإشتراكات و أقساط تأمين) بواسطة شركات التأمين وفقاً للأساليب الفنية والإحصائية 

(4)    أيضاً عمليات و ترتيبات إعادة التأمين لتفتيت أو توزيع هذه المخاطر بين شركات التأمين على المستوى المحلي و العالمي ، وبالتالي فإن التعويضات يتم دفعها بواسطة المجتمع ككل .

كل هذه العمليات المذكورة في البنود من (1) –(4) تسمى منهج أو طريقة عمل التأمين، كما موضح في الشكل البياني التالي أدناه.


الرسم البياني: منهج عمل التأمين











الخطر(التعويضات)            التأمين            الإشتراكات/أقساط التأمين





إعادة التأمين والمشاركة في توزيع المخاطر





و نواصل/ ......




 د. محمد عثمان عبد الرحمن


Powered by Froala Editor